النجوم في مرمى النقّاد: بعضهم منافق وبعضهم مجامل والكلمة الفصل لـ”تويتر”
في حياتهم اليوميّة، لا يتبادلون حتى كلمة “مرحبا”، لكن على مواقع التواصل الاجتماعي، يتبادلون ما هو أكثر من المرحبا، قلوب حب، وتهنئة، ومزاحاً، تشعر أنّهما صديقا العمر، لكنّهما ليسا كذلك، ولن يكونا كذلك، فالصداقة والساحة الفنية والمنافسة والنجومية، خطوط متوازية لا تلتقي.
هل هو نفاق؟ أم حفظ ماء الوجه؟ أم هو رغبة من النّجوم في مسايرة جمهور النّجم الآخر على قاعدة اقتسام المكاسب؟ أم هو مجرد قناع اللطف والدماثة ولو افتراضياً وعلناً على عين جمهور السوشال ميديا الذي يهلّل لتغريدة حب، قد يكون كتبها من كتبها مرغماً؟
يدرك فيه معظم العاملين في هذا المجال بأنّ المحبة عملة نادرة بين المشاهير، وبأن ما يقولونه علانية يعاكس في أحيان كثيرة حقيقة ما يضمرون. الأمر لا ينطبق على الجميع طبعاً، لكن انتشار هذه الظاهرة الى حدّ المبالغة، دفعنا إلى طرح السؤال على عدد من الزملاء الصحفيين واستطلاع آرائهم عما إذا كان في هذه الظاهرة مواربة لكسب جمهور إضافي، أم واقع فرضه التطور الطارئ على حياتنا الوهمية في فضاء الانترنت بات مستحيلاً الاستغناء عنه؟ فماذا قالوا؟
-باتريسيا هاشم: نفاق وكذب
تقول الصحافية باتريسيا هاشم إنّ هذه الظاهرة هي من باب المجاملة اولاً، كون النجوم لا يستطيعون بسهولة الاتصال بالأشخاص المعنيين أو زيارتهم على سبيل تتميم واجباتهم الاجتماعية.
تتابع “يفعلون ذلك لكسب جمهور إضافي، لا بل أرى في ذلك نوعاً من أنواع النفاق، بمعنى شاهدوني كيف عزّيت أو هنأت والخ… وللأسف حتى الفنان الذي لا يريد اعتماد هذا الأسلوب، نراه مجبراً على ذلك أو متورطاً بالموضوع دون أن يشعر، حيث يكون كل الفنانين قد سبقوه وأحرجوه، وتتوجه اليه أصابع الاتهام “فلان لم يعزِّ او لم يقل كلمة في المناسبة كذا”. فيضطر للمسايرة ومجاراة الموضة الرائجة حالياً. وهذا أمر مؤسف جداً.”.
وترى باتريسيا أنه ” أصبحنا نعيش في عالم افتراضي كاذب ومنافق والأهم أنه وهمي. أصبحت مشاركة الأفراح والأحزان وهماً بالفعل. أعرف الكثير من الفنانين لذين لا يزالون يحافظون على الجانب الانساني من خلال الاتصال او الزيارة، لكن بات لزاماً ان يترافق ذلك مع إعلان على مواقع التواصل الاجتماعي لأن الجمهور لا يرحم وهو الذي يشجع على هذا النفاق وإن بطريقة غير مباشرة. أنا شخصياً أترحّم على زمن كنا نعيش فيه مشاعر صادقة وعلاقات حقيقية. “.
إيناس كريمة: موافع التواصل الاجتماعي قتلت العلاقات الانسانية
ترى الصحافية إيناس كريمة، أنّه مما لا شك فيه أن ظاهرة الواجبات الاجتماعية على مواقع التواصل سهّلت على الناس أموراً كثيرة، خصوصاً في ظلّ الأزمات التي نعيشها ومنها على سبيل المثال أزمة كورونا. فبات لزاماً على من يريد توجيه معايدة أو تهنئة أو أي شيء آخر، ان يكتب للشخص المعني عبر مواقع التواصل، وربما تكون مرحلة مؤقتة.
وتتابع “أنا شخصياً أرى أنها باعدت بين الناس ووضعت مسافات بين القلوب والمودّة…. على المستوى العاطفي مثلاً رأينا نماذج لفنانين يكتبون مشاعر الحب مثلاً لزوجاتهم اأو صديقاتهم والعكس صحيح. حتى على المستوى الاجتماعي صاروا يكتبون أي شيء بغض النظر عن النوايا. البعض يستغل هذا الأمر لشدّ الانتباه لا اكثر وحصد الاف الاعجابات (لايكات) واعادات التغريد (ريتويت). وكلما كانت الجملة مؤثرة كلما حصدنا انتشاراً أوسع”.
طوني هيكل: مواقع التواصل ليست مجالس عزاء وصالات أفراح
الصحافي طوني هيكل لا يرى في هذا الأمر سوى حباً للظهور وإبراز جانب إنساني معين. يقول ” لا أريد اتهام أحد وتعميم أنّ لا دافع إنساني لدى البعض، لكن هذه الظاهرة زادت عن حدّها لدى كثيرين ما يؤكد أن ما يفعلونه هو للتباهي وحباً بالظهور، وبالتأكيد هي لكسب مزيد من الإعجابات والانتشار وكسب جمهور إضافي.”.
ويؤكد طوني أنّ الفنان يستطيع أن ينأى بنفسه عن ظاهرة المجاملات، وأن يستبدل ما يكتبه على السوشال ميديا بالاتصال أو حتى برسالة عبر “واتساب” إن كنا غير قادر على زيارة الشخص المطلوب لسبب أو لآخر.ويرى أن ذلك سيكون أكثر صدقاً بكثير. يقول “الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي هي عامة، ام الاتصال المباشر فهو أكثر خصوصية وبالتالي أكثر صدقاً. مواقع التواصل هي للنقاشات وإبداء الآراء في مواضيع مختلفة، وليست مجلس عزاء ولا زفة أعراس”.
فاطمة داود: جماهير الفنانين هي التي شجعت على هذه الظاهرة
الصحافية فاطمة داوود، ترى أنّ “هذه الظاهرة منتشرة على نطاق واسع عبر مواقع التواصل، وأنها بدأت مع صفحات معجبي الفنانين في مناسبات خاصة بالفنانين أنفسهم، فيضطرّ الجميع إلى المشاركة منعاً للإحراج. وصلنا إلى مرحلة نشعر فيها بالتقصير إذا لم نشارك، فضلاً عن العتب الذي يوجهونه إلينا.”.
تتابع داوود “المشكلة التي نعاني منها أنه حتى لو قمنا بواجب معين من خلال الاتصال او حتى الزيارة (حسب العلاقة مع الشخص)، نجد أنفسنا مضطرين أيضاً للكتابة عبر مواقع التواصل، سواء في ما يخص العزاء أو المعايدة أو التهنئة أو أي أمر آخر… حصلت مشاكل كثيرة بين الفنانين ومعجبيهم لهذا السبب. فلانة لم تهنئ فلانة، هذا الأمر أصبح أيضاً حديثاً دسماً للصحافة، ونذكر هنا على سبيل المثال ما حصل مع اليسا ونوال الزغبي ونجوى كرم وغيرهم… نعم هي ظاهرة وبات مستحيلاً الاستغناء عنها”.
هدى الأسير: المهم أن نكون صادقين
الصحافية هدى الأسير، ترى أن المجاملات ظاهرة اجتماعية عامة وليست حكراً على الفنانين أو الشخصيات المعروفة.
وتتابع “أنا شخصياً لا أراها من باب المسايرة لكسب جمهور إضافي، بل من باب المجاملة الاجتماعية بشكل عام. مما لا شك فيه أنّ استبدالها بالاتصال أو الزيارة الخاصة أفضل بكثير وأكثر حميمية ولياقة، لكن هذا يختلف بحسب العلاقة مع الشخص المعني. المجاملات العامة نستطيع نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن عندما نكون قريبين الى حدّ كبير من شخص معين او تربطنا به علاقة صداقة حقيقة لا يمكن الا ان نقوم بالاتصال المباشر للتهنئة بأمر ما او لتقديم واجب العزاء مثلاً”.
أندريه داغر: المحبة نادرة بين المشاهير وزملاء المهنة
الصحافي أندريه داغر يرى في هذه الظاهرة مواكبة لمتطلبات العصر حيث بتنا نعيش حياتين، حياة واقعية وأخرى افتراضية أصبحت طاغية، خصوصاً لدى الفنانين والإعلاميين والمشاهير… يقول “الكل بات يلجأ الى هذا الأسلوب لأنه أسهل ربما. بدأ الأمر مع الرسائل النصية عبر الهاتف، ثم عبر الواتساب، ولاحقاً أصبح عليناً عبر مواقع التواصل الاجتماعي. هي موضة لأنها أصبحت واقعاً لا بدّ منه. إن لم يقم فنان بتهنئة زميله على امر ما، او لم يبارك صحفي لزميل له في أي مناسبة، يصبح هذا الشخص محل انتقاد ولوم وعتب”.
ويتابع “لا نستطيع أن نتهم الجميع بأنهم غير صادقين ولو كان البعض يعتمد هذا الأسلوب من أجل التباهي امام الناس ولكسب محبي الطرف الآخر وبالتالي مزيداً من الانتشار، على طريقة شاهدوا كم أني محب ومتواضع… لكن هذا لا ينفي وجود أشخاص صادقين مع أنفسهم ومع الآخرين ويقومون بذلك بمحبة خالصة”.
ويؤكد داغر أن “ليس كل ما نراه على مواقع التواصل هو حقيقي، خصوصاً لمن يعملون في المجال الصحفي بحكم قربهم من المشاهير سواء فنانين او مخرجين او شعراء وملحنين والخ.. المراقب المحترف يعرف تماماً من يكتب من أجل المسايرة فقط ومن هو صادق لا يكتفي بالكتابة أو التغريد بل يقوم بالاتصال المباشر ويحافظ على خصوصية العلاقة”.
هنادي عيسى: ظاهرة إيجابية
الصحافية هنادي عيسى تقول “أنا أراها ظاهرة إيجابيّة، خصوصاً في لبنان لأننا لا نلمس تواصلاً حقيقياً بين النجوم، أي لا علاقات خاصة ومباشرة إلا في ما ندر. أكثر ما نشهده بين النجوم هو حضور الجنازات ومجالس العزاء إن كانت علاقة صداقة تربط فيما بينهم، بينما لا يحضر زملاء المهنة إن كانت العلاقة مجرد زمالة”.
تتابع “أعتقد أن ظاهرة تبادل الواجبات عبر مواقع التواصل الاجتماعي منحت النجوم فرصة للتعبير عن أنفسهم أكثر وفي شكل علني خصوصاً في إن كانت العلاقة بينهم عادية. هذا إضافة الى أن عدداً منهم لا يكتفي بالكتابة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بل يقومون بالأمرين معاً… من النادر أن نرى نجوماً يحبون زملاءهم حقيقة إلا في ما ندر، باستثناء المتصالحين مع أنفسهم وتخطوا مرحلة الغرور بالنجومية”..
رانيا شهاب: الفنانون بحاجة دوماً إلى تلميع الصورة
الصحافية رانيا شهاب، ترى أنّه “لطالما لاحظنا اهتمام معظم الفنانين بتقديم الواجبات بعضهم لبعض، خصوصاً واجب العزاء، بحكم وجود الإعلام، حتى في ظل غياب عنصر الصداقة مع الفنان الآخر. اليوم، فرض كورونا نفسه، وبالتالي بات تقديم الواجبات حكماً عبر وسائل التواصل الاجتماعي او وسائل الاتصال، وهنا يعود القرار إلى الفنان نفسه ومدى علاقته بالآخر. فإما أن يتواصل معه مباشرة وشخصياً (اتصال هاتفي او زيارة خاطفة) أو برسالة خاصة أو صوتية عبر الواتساب، أو علناً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وربما عبر أكثر من وسيلة أي سرّاً وعلناً في الوقت ذاته.”.
تتابع “لا شك بأن تبادل تقديم الواجبات عملية محبذة لدى الكثير من الفنانين لأسباب عدة، منها العلاقات الشخصية، وعنصر الزمالة، والمصالح، وغيرها… لكن تقديمها علناً يلمع صورتهم أمام الجمهور من جهة، وينفي وجود خلافات من جهة أخرى، كما يعطي طابعاً عن إنسانيتهم التي يحتاجون إلى الإضاءة عليها دوماً. “.
رولا نصر